الصحافة في اليمن.. مهنة بلا حماية

مؤسسة منصة للإعلام - خاص
2020-05-03 | منذ 4 سنة    قراءة: 1771

مؤسسة منصة للإعلام
تمر الحريات الصحافية في اليمن بأخطر مراحلها مكشوفة دون حيطان صد ولا اسيجة حماية بعد أن استهدفت الحرب الوسائل الإعلامية والكيانات النقابية والمجتمع المدني، وغيبت كل ادوار الدولة، وتعامل المتحاربون مع الصحفي كعدو وهدف أول في الصراع.
ودفع الصحفيون ثمناً باهضاً معمداً بالدم ومقيداً بالسجون ومحاطاً بالتشرد والإقصاء وفقدان الوظيفة والراتب، وملاحقا بموجة تحريض وتخوين الغت مبدأ التنوع والتعدد وحرية الرأي والتعبير من قاموس كل اطراف الصراع.
يجدر بنا في مؤسسة منصة للإعلام والدراسات التنموية، الكتابة في هذه المحنة تزامنا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة وهو أيضا الذكرى الثالثة لانطلاق عمل "منصة"، ونحن نأسى لواقع الصحافة اليمنية التي تعرضت لأعتى أزمة تمر بها الصحافة العالمية دون أن تجد الاهتمام المواكب لمعاناة الصحافة والصحفيين في بلد قدم أكثر من 35 صحفياً شهيداً، ونحت العشرات من صحفييه أسطورة التضحية على جدران السجون ووجوه السجانين الذين تلذذوا بتعذيب أرباب الكلمة وممارسة أبشع المعاملة خارج مسؤوليات القانون مع صحفيين كل ذنبهم أنهم مارسوا مهامهم الصحفية في واقع مستجد يجرم ذلك.
يحتفي العالم اليوم بحرية الرأي والتعبير والصحفي مطارد في اليمن ومشرد في الداخل والخارج، وبالمقابل صوت معاناته لم تصل لكل عشاق الحرية في العالم إلا بشكل محدود أو بصورة مغلوطه سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد.
لن نتحدث هنا عن معاناة الصحفيين الذي نكلت بهم كل اطراف الصراع وان بنِسَب مختلفة بعد أن حصدت جماعة أنصار الله الحوثيين الصدارة في استهداف الصحفيين، ولن نخوض في واقع الصحفيين الذين طالهم أذى حكومة هادي المعترف بها دوليا، وكذا ما تعرض له الصحفيين من قبل السلطات الاخرى المتعددة في كل اليمن، فهذه الأسطوانة كثيرا ما نسمعها كصحفيين يمنيين، وكثير ما تحدثت عنها ووثقتها المنظمات المدافعة عن الحريات.
لكننا سنحاول بإمكانياتنا البسيطة رسم ملامح ابرز التحديات التي تواجه الصحفيين في اليمن بعد ان اضعفت الحرب دور النقابات ومؤسسات المجتمع المدني وفرضت قيودا كثيرة على دورها ونصبت المشانق والمصائد للصحافة والصحفيين والعاملين في مجال الحريات.
ولعل أبرز تحدي يواجه الصحفيون هي سياسة القمع والتنكيل التي وصلت حد نصب المشانق للصحفيين وإصدار احكام اعدام بحقهم كما حدث مع الزملاء عبدالخالق عمران ، وتوفيق المنصوري وأكرم الوليدي وحارث حميد، وبقية زملائهم الذين شاركوهم ويلات السجن وعذاباته لسنوات ولايزالون. وهذا النهج القمعي سبق وعانى منه الصحفي يحيى الجبيحي الذي صدر بحقه حكم أعدام ومن ثم نال عفو اسقط هذا الحكم الجائر. ما يحتم علينا العمل بكل جد لإسقاط هذه الاحكام وإنهاء معاناة المختطفين في كل مناطق اليمن.
ومن التحديات أيضا تخلي الحكومة المعترف بها دوليا عن مسؤوليتها القانونية والاخلاقية في دفع رواتب العاملين في وسائل الإعلام خارج مناطق سيطرتها منذ أربعة أعوام وما خلف ذلك من مأسي وتشرد واثار نفسية ومعيشية كبيرة على أكثر من الف صحفي، ناهيك عن الممارسات التعسفية التي قامت بها جماعة انصار الله الحوثيين بفصل الكثير من الصحفيين وإيقاف رواتبهم، وحرمانهم من وظائفهم الحكومية.
وتتصل هذه الاشكالية ايضا بإغلاق العشرات من وسائل الإعلام وفقدان المئات من الصحفيين لأعمالهم وهو الأمر الذي دفع البعض للبحث عن أعمال لدى أطراف الصراع بشروط مجحفة وبوضعية جائرة دفعت بالبعض إلى الالتحاق بالسلك العسكري من اجل الحصول على راتب ومصدر دخل، الامر الذي اثر على استقلالية العمل الصحفي وتضييق المساحة المتواضعة للإعلام المستقل الذي نجزم بأنه توارى خلف أدخنة المدافع.
ومن الإشكاليات المهمة التي يعاني منها الصحفيون العاملون في الميدان عدم حصولهم على التدريب الكافي لإجراءات السلامة المهنية لتغطية وقائع الحروب والصراعات وإرسالهم للتغطية دون تخطيط أو ترتيب أو التزويد بأدوات السلامة المهنية وهو ما أدى إلى الإصابات الكثيرة للصحفيين اثناء التغطية ومقتل البعض منهم.
وهذه الاشكالية ترتبط أيضا بغياب التامين على الصحفيين والمصورين خصوصا من يكلفون بالتغطية الميدانية وما يترتب على ذلك من معاناة للصحفي في حال اصيب أو طورد أو قتل. ما يجعلنا نطالب كل وسائل الإعلام الاهتمام بالتدريب والتأهيل للصحفيين وتزويدهم بأدوات السلامة والتامين على حياتهم.
ما سبق ملخص مختزل لمسلسل طويل من المعاناة التي يعيشها الصحفيون في اليمن الذين قذفت بهم الحرب المشتعلة في البلد منذ اكثر من خمسة اعوام الى سيناريوهات اكثر بؤسا وشقاء بين قتيل او شريد، معتقل او عاطل عن العمل وخيارات اخرى لا تقل تعاسة عن كل ما سبق.

*مؤسسة منصة للاعلام والدراسات التنموية..
٣مايو ٢٠٢٠م



إقراء أيضاً


التعليقات

إضافة تعليق

كاريكاتير

فيس بوك

إستطلاعات الرأي

شركاؤنا

 

 

 

مؤسسة منصة للإأعلام