اليمن :الصحفيون يواجهون المخاطر بلا حقوق أو تأمين

منصة - - خاص
2019-01-07 | منذ 5 سنة    قراءة: 2940

 

كانت عدسة المصور الصحفي محمد اليمني توثق أوجاع الناس وتنقل لحظات ومحطات من الاحداث والحرب الدائرة بمحافظة تعز، لكن رصاصة قناصة أودت بحياته لتكسر عدسته وتنهي حياته عند ما كان يغطي مواجهات بين الحوثيين والمقاومة في منطقة الضباب نهاية مارس من العام 2016م.

الصورة من موقع "الغد اليمني " للمصور وليد القدسي الذي بترت قدمه بسبب استهدافه اثناء احدى التغطيات بتعز .

كعادته كان محمد يتنقل في مدينة تعز من منطقة لأخرى لتغطية المواجهات الدائرة هناك هو وأربعة من زملائه المصورين والصحفيين، لكنهم كانوا  يومها هدفا لقناص حوثي وجه رصاصته تجاههم ليستشهد محمد ويصاب زملائه.

قدم محمد اليمني روحه فداء لمهنته وحرصه على تقديم المعلومات، لكن حقوقه بعد مقتله صارت مهدورة..  فلا حقوق مادية ولا تأمينية على حياته كغيره من الصحفيين والمصورين اليمنيين الذين يعملون بلا تأمين على حياتهم أو عقود عمل تحفظ حقوقهم.

منذ ثورة الشباب 2011 وعدسة اليماني توثق مراحل هامة من تاريخ اليمن، لكن رحيله أفقد الناس عدسة كانت غالبا في اماكن  الحدث والخطر، وترك أطفال بلا أب ويواجهون مصيراً مجهولاً في ظل غياب ضمانات حقيقية لحقوق الصحفيين.

محمد واحدا من 21 صحفيا استشهدوا منذ 2015حتى اليوم اثناء تغطية الحرب في اليمن سواء برصاص وقذائف الحوثيين أو بقصف طيران التحالف العربي حسب تقارير نقابة الصحفيين.. وغيرهم العشرات من المصابين الذين تعرض بعضهم لإعاقات جسدية.

هكذا هو وضع الصحفيين اليمنيين الذين يعملون بلا عقود عمل أو تأمين على الحياة أو تأمين صحي، في حكاية محزنة عنوانها استغلال أوضاع الصحفيين البائسة وضعف البنية الصحفية والإعلامية في البلد.

مع إغلاق الصحف ووسائل الإعلام بداية الحرب في اليمن من قبل جماعة الحوثي وجد الصحفيون وخاصة في وسائل الإعلام الخاصة والحزبية انفسهم مشردين بلا حقوق أو ضمانات لهم في ظل ظروف مجحفة كهذه.

لقد كشفت الحرب الدائرة في اليمن مأساة الصحفيين، وسلطت الضوء على ظروفهم المهنية والمعيشية القاسية وعلى حجم الاستهتار بالحقوق الأساسية لأبناء هذه المهنة التي طالما شكلت مرآة للمجتمع.

أحمد  صحفي في صحيفة حزبية اضطر للعودة إلى قريته بعد ان اغلقت صحيفته واعلنت عدم قدرتها على دفع مستحقات العاملين فيها ، وهم من يعملون فيها بأجور متدنية وبلا عقود عمل بحجة عدم قدرتها على دفع مرتبات العاملين فيها، شأنها شأن العديد من وسائل الإعلام لتتواصل معاناة الصحفيين.

وفي ظل ظروف معيشية صعبة في المدينة، اضطر أحمد للعمل في أعمال حرة وشاقة بغية توفير الحد الأدنى من مستلزمات أسرته النازحة.

 

قمع يطال الحياة:

ويذهب نقيب الصحفيين اليمنيين الاسبق عبدالباري طاهر إلى أن الصحفيين اليمنيين يواجهون اليوم ما هو افظع من ذلك  معتبرا ان الخوف في اليمن  لا يقف عند قمع الحريات الصحفية وانما يطال الحياة نفسها، حيث يواجه الصحفي الحكم بالموت جوعا  أو سجنا  أو اخفاء قسري .

وفي الوقت الذي يشيد طاهر بدور نقابة الصحفيين في متابعة قضايا الصحفيين  والكشف عن معاناتهم  إلا أنه يرى ان الوضع في اليمن كارثي بكل المقاييس. حيث أن الاوضاع السياسية والقامعة التي وصلت حد الحكم بالإعدام ترشح البلد لتكون في المرتبة الاولى خطرا على الحياة والحريات في ظل فقدان الالاف لوظائفهم ليتحولوا إلى عاطلين عن العمل ،ناهيك عن وجود مختطفين ومخفيين قسراً منذ  اكثر من عامين ،وكأن آخر ما تبقى لسلطة الامر الواقع هو سن لائحة لمصادرة وسائل الاتصال الاجتماعي ( في اشارة إلى لائحتين قمعيتين اصدرتهما جماعة الحوثي مؤخرا خاصة بالصحافة الالكترونية والإعلام المرئي والمسموع والمقروء).

ولايزال هنالك 17 صحفيا مختطفين منذ أكثر من عامين بينهم 15 صحيفا لدى جماعة الحوثي وصحفي لدى حكومة الشرعية وصحفي لدى تنظيم القاعدة حسب تقارير حقوقية.

عضو مجلس نقابة الصحفيين نبيل الأسيدي يقول أن المطالبة بحقوق الصحفيين كانت من اصعب المهام التي واجهت النقابة خلال الفترات الماضية حيث ناضلت النقابة كثيرا من اجل ترسيخ بعض الحقوق وايجاد عقود عمل للصحفيين لكن للآسف لم يكن هناك توجه دولة في السابق، ناهيك عن ان المؤسسات الاعلامية المختلفة بما فيها المؤسسات الحزبية والمستقلة والاهلية دائما ما تحاول الحصول على الصحفي بأقل التكاليف، واستغلاله ماديا  ولا تمنحه أي عقود عمل أو حقوق أو تأمين صحي.

لا تأمين ولا اهتمام:

 ويشير الاسيدي إلى وجود دور لنقابة الصحفيين سابقا في المؤسسات الإعلامية والصحافية الرسمية من خلال التواصل والعمل على ايجاد عقود عمل  وتوفير التأمين الصحي، وحدث حينها تفاعل من بعض الجهات لكنها مع اوضاع الحرب انتهت كل تلك الضمانات البسيطة لوسائل الإعلام التابعة للحكومة.

وحول وسائل الإعلام الدولية والعربية التي لها مراسلين في اليمن يقول الاسيدي انها ليست مهتمة تماما بالحقوق المادية وبعقود العمل أو بسلامتهم المهنية أو بتأمينهم الصحي أو التأمين على الحياة، ونادرا ما توجد قنوات أو جهات إعلامية خارجية تقوم بتوفير التأمين أو عقود العمل لمراسليها.

ويتطرق الاسيدي إلى أن وسائل الإعلام العربية والدولية غالبا ما تتعامل مع الصحفي اليمني بأسلوب القطعة وبالتالي تفقده الكثير من حقوقه المادية الحالية واللاحقة وايضا ضمانات السلامة وغيرها.

وحسب الاسيدي فأن نقابة الصحفيين اليمنيين طالبت مرارا بضرورة توفير الحماية وطرق السلامة المهنية للصحفيين وايجاد الحقوق والتامين الصحي ولكن لا يوجد تفاعل من المؤسسات الإعلامية التي بالداخل أو بالخارج.

ويشير إلى أن النقابة نفذت مع الاتحاد الدولي للصحفيين برنامج تدريب خلال الفترة الماضية حول السلامة المهنية للصحفيين أثناء تغطية الصراعات والحروب لكسب الصحفيين والمصورين مهارات واجراءات السلامة.

ويرى ان اليمن تعد في ادنى سلم اهتمام المجتمع الدولي ما انعكس سلبا على الحقوق والحريات في اليمن، وان الحرب دمرت واقع الحقوق القليلة التي كان يحظى بها الصحفيون.

ما يجب الاشارة إليه أن نقابة الصحفيين سعت من أجل الزام وسائل الإعلام بإبرام عقود مع الصحفيين أن اضافت إلى شروط الحصول على عضوية النقابة توفير عقد عمل ، لكن كانت عقود العمل صورية ومجحفة لحقوق الصحفيين، وغالبا ما كانت بعض الصحف ووسائل الإعلام تأخذ تعهدات من الصحفيين بعدم مطالبتها بحقوق، وأن العقد مهمته فقط الحصول على عضوية النقابة فقط.

إفلات:

في كل قضايا الصحفيين في اليمن لايزال الجناة بعيدين عن يد العدالة، وفي حالة إفلات من العقاب ، فيما الحقوق مهدورة والمؤسسات الإعلامية قيد البنية الضعيفة والهشة غير القادرة على صون حقوق موظفيها، في ظل غياب لتشريع واضح يضمن حقوق السلطة الرابعة.. لتستمر حالة البؤس وجبال المخاطر ملازمة للصحفيين اليمنيين وتحيط بهم في بيئة غير آمنة أو منصفة لرجال السلطة الرابعة.   .



إقراء أيضاً


التعليقات

إضافة تعليق

كاريكاتير

فيس بوك

إستطلاعات الرأي

شركاؤنا

 

 

 

مؤسسة منصة للإأعلام